عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء لمناقشة تطورات الوضع في سوريا وخاصة الوضع الإنساني المتردي وأوضاع اللاجئين في دول الجوار، واتفق المتحدثون على ضرورة مساعدة اللاجئين والنازحين السوريين ووقف دوامة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان التي تتم على الأراضي السورية وخاصة ضد النساء والأطفال.
وبدأت ليان إلياسون نائبة الأمين العام للأمم المتحدة الجلسة بدعوة الحكومات للضغط على كل من الحكومة السورية والثوار لضمان أمن عمال الإغاثة والمنظمات الإنسانية في المناطق التي يسيطرون عليها، بغية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين.
أما وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو فقال إن الأزمة السورية تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ودعا إلى حل النزاع ووقف العنف في أسرع وقت ممكن، كما طالب مجلس الأمن بإقامة مخيمات للاجئين داخل سوريا.
وحذر أوغلو من أن تركيا لن يكون بمقدورها قريبا مواصلة استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن عدد هؤلاء بلغ حاليا 80 ألفا، وأن أربعة آلاف لاجئ سوري يعبرون الحدود كل يوم.
وفي كلمته خلال جلسة مجلس الأمن طالب وزير الشؤون الخارجية المغربي سعد الدين العثماني بأن يتمخض الاجتماع عن رؤية موحدة لوقف دوامة العنف في سوريا وتقديم يد المساعدة للشعب السوري.
وقال العثماني إنه يجب التعامل بشكل موحد وصارم تجاه تفاقم الوضع الإنساني، وأكد أن بلاده كممثل للمجموعة العربية في مجلس الأمن لم تأل أي جهد للدفع من أجل وقف العنف وإيجاد حل سياسي يحقن دماء الشعب السوري ويضمن له ممارسة كل حقوقه في إطار نظام ديمقراطي.
وطالب الوزير المغربي بإجراء تحقيقات مستقلة في الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في سوريا، وخاصة مجزرة داريا بريف دمشق.
منطقة عازلة
ومن جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى إطلاق عملية انتقالية في سوريا، وقال إن نحو مليوني شخص يعيشون حياة صعبة جراء الوضع هناك ولا بد من دراسة إقامة مناطق عازلة.
وشدد الوزير الفرنسي على ضرورة مساعدة المجتمع الدولي للدول المجاورة لسوريا، في ظل الأعداد المتزايدة من اللاجئين، والتحرك بشكل عاجل لتخفيف المأساة الإنسانية.
كما دعا فابيوس إلى التواصل مع محكمة الجنايات الدولية بشأن 'الجرائم التي ترتكبها قوات النظام السوري'.
من جانبه، حذر وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ من تداعيات الأزمة السورية على دول الجوار وخاصة لبنان، وأكد دعم بلاده لجهود الحكومة اللبنانية للإبقاء على السلام والاستقرار.
ودعا هيغ كافة الدول إلى دعم جهود إغاثة اللاجئين السوريين، وقال إن بريطانيا تدعم إحالة الوضع في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية.
وكانت فرنسا وبريطانيا حذرتا الرئيس السوري بشار الأسد الخميس من أن التدخل العسكري لإقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل البلاد يجري بحثه، وذلك رغم الجمود في مجلس الأمن بشأن كيفية إنهاء الصراع المستمر منذ 17 شهرا.
روسيا تعارض
وفي المقابل، أكد مندوب روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين معارضة بلاده للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وقال إنها تضر بالمدنيين.
وأضاف تشوركين أن روسيا تحمل آمالا كبيرة في نجاح مهمة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، مؤكدا أن الحل السياسي هو الوحيد الذي يمكن أن ينهي الأزمة السورية.
ويرى مراقبون أن الجمود في المجلس بين القوى الغربية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى يجعل من المستحيل فيما يبدو التوصل إلى قرار يوافق على إقامة منطقة عازلة, لكن يمكن للدول أن تتحرك خارج سلطة الأمم المتحدة وتتدخل مثلما حدث في كوسوفو عام 1999.
وأعلنت فرنسا وبريطانيا زيادة المساعدات الإنسانية بمقدار ثلاثة ملايين جنيه إسترليني (4.74 ملايين دولار) من لندن، وخمسة ملايين يورو (6.25 ملايين دولار) من باريس، ووجهتا دعوة إلى الدول الأخرى لزيادة تعهداتها في هذا الشأن.
يذكر أن وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والصين تغيبوا عن اجتماع مجلس الأمن حول الصراع في سوريا الذي تقول الأمم المتحدة إنه أودى بحياة نحو 20 ألف شخص. وأوفد أقل من نصف الدول الأعضاء وزراء ولم يحضر من الدول الخمس الدائمة العضوية سوى فابيوس وهيغ.