حسمت وزارة الحج والعمرة السعودية الجدل المتجدد مع كل موسم حج بشأن استغلال 'الدعاة المشهورين' كمرشدين دينيين من قبل شركات حجاج الداخل في تسويق حملاتها ورفع كلفة الحج، بتغريم الشركات المخالفة مبلغ مائة ألف ريال (27 ألف دولار).
وأقرت الوزارة جملة من العقوبات غير المالية على الحملات التي عرفت محلياً بـ'حج خمس نجوم'، عبر تخفيض تصنيف درجة تلك الحملات وحرمانها من الحصول على مميزات أخرى مثل المواقع المهمة في المشاعر المقدسة.
وطالبت الوزارة أصحاب الحملات بالاكتفاء بتعيين مرشدين دينيين من الدعاة، دون تحديد أسمائهم في حملاتهم التسويقية مهما بلغت شهرة الداعية، حتى لا يقعوا في دائرة 'المحظورات الرسمية'.
وجاء هذا القرار من قبل وزارة الحج استجابة للانتقادات التي وجهها وزير الداخلية السعودي رئيس لجنة الحج العليا الأمير أحمد بن عبد العزيز في التاسع من الشهر الجاري لأسعار حملات الحج.
وأوصى الوزير بعدم تصنيف حملات الحج إلى درجات مختلفة كخمس نجوم أو أربع نجوم، وطالب أن يكون الحجاج على مستوى واحد على صعيد واحد وملبس واحد.
تصاعد التكاليف
وجاء القرار ليحسم جدلا في المجتمع المحلي بسبب الكلفة المالية المرتفعة لحملات حجاج الداخل، التي نافست حملات الحج للقادمين من خارج البلاد.
وتراوحت أسعار الحملات الداخلية المميزة بمخلتف درجاتها بين ثلاثة آلاف لأدنى الدرجات وصولاً إلى 27 ألف دولار للشخص الواحد، وفقاً لاستقصاء ميداني للجزيرة نت. وهو ما اعتبره وكيل مسؤول سعودي سابق في وزارة الحج نوعاً 'من الاستغلال المحظور لأسماء الدعاة المشهورين، وتسخير الخطاب الشرعي لنسك الحج لأهداف تجارية خاصة'.
وطالب الدكتور حسن بن محمد سفر -الذي شغل سابقاً وكيل وزاة الحج، إلى جانب عضويته بالمجمع الفقهي الدولي برابطة العالم الإسلامي- بتحديد سقف الكلفة المالية في حدها الأقصى بما لا يتجاوز مبلغ 12 ألف ريال (3200 دولار)، على أن تشمل جميع الخدمات المساندة في الحج.
ووجه سفر نقداً مباشراً للدعاة المشهورين لمشاركتهم في الحملات المميزة، نظير الخدمات المقدمة لهم كتحجيج أفراد من عائلاتهم، وقال 'إن الأصل في توضيح أعمال نسك الحج التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس هي أن تكون احتساباً لله تعالى'.
وطالب بمنهجية عملية لمكافحة 'الأسعار المرتفعة' وذلك بالتنسيق بين وزارتي الحج والشؤون الإسلامية لتوفير دعاة وطلبة علم شرعيين لصالح الحملات دون أي مقابل مادي. وتشديد الرقابة على الحملات بمنع ترويجها أسماء الدعاة المشاركين معها في شبكات الإعلام الجديد للتحايل على القرار.
ارتياح للقرار
واستقبل القرار بردود فعل إيجابية على شبكتي التواصل الاجتماعي 'تويتر' و'فيسبوك'، واعتبر المعلقون القرار 'فرصة حقيقية للحد من التلاعب في الخدمة المقدمة للحجيج ورفع أسعارها بدون مبرر، بحيث يصبح معيار السعر المحدد لكل حملة تصنيفها ومستوى الخدمة المقدمة.
وأكد المتدخلون أن نجاح الإجراءات المتخذة لمواجهة الأسعار الخيالية للحملات مرتبط 'بالتطبيق الفعلي والتشهير بالمخالفين في وسائل الإعلام'، وطالبوا أن يحال أمر الرقابة إلى وزارة الداخلية بدلاً من وزارة الحج.
في المقابل أقر مدير حملة حج بالمنطقة الشرقية أبو بكر الصالحي بصعوبة تعميم القرارات قائلاً 'إن الأشخاص هم من يحدد أساساً طبيعة الخدمة المقدمة لهم، فهناك شخصيات ثرية تطلب خدمات خاصة، ودعاة مشهورين نضطر للتفاوض معها، لأن كل شخص له متطلباته الخاصة'.
وتحدث الصالحي للجزيرة نت عن عدم مكافحة السوق السوداء من قبل وزارة الحج، حيث يلجأ عدد من المرخص لهم باستئجار الخيم بشكل رسمي إلى بيعها في الباطن بأضعاف السعر الذي بيعت به من قبل الجهة المختصة، وهو ما يدفع أصحاب الحملات إلى استقطاب دعاة مشهورين وتقديم خدمات مميزة تفادياً للخسارة.